السبت، 12 سبتمبر 2020

حضارة أبناء الموت

 

بناء الحضارات أمرمعقد تتضافر في شأنه العقائد مع الأعمال المؤسسة على هيكل منظم من الأفكار والنظريات التى آمن بها فئة من البشر وبناء عليه حددوا الأهداف والوسائل وجمعوا طاقاتهم وإمكاناتهم ووظفوا كل ذلك لتحقيق أهدافهم ببناء حضارتهم .
وقد لوحظ بشكل كبير أن العقيدة بحياة أخرى بعد الموت كان قاسما مشتركا بين كثير من أبناء تلك الحضارة الأرضية ولأنهم بتلك العقيدة كانوا على يقين أن الموت ماهو إلا معبر لتلك الحياة الأخرى فقد جعلوها دافعا لهم لإنجاز أعمال عظيمة تخلد ذكراهم فى الدنيا وتجعلهم عظماء بعد عبورالمعبر (الموت) .
ولعل قدماءالمصريين من أبرزنماذج تلك الحضارة فنجد فى جل معابدهم ونقوشهم وآثارهم ذلك القاسم المشترك (العقيدة فى حياة أخرى بعد الموت )ولذلك كانوا يضعون معهم فى مدافنهم وقبورهم أشيائهم التى سيحتاجون لها بعد العبور كما أن التحنيط لأجسادهم بشكل أذهل العالم والإهتمام بتفاصيل التفاصيل فى هذا الأمر لهو شاهد آخر على تلك الحقيقة البنيوية فى حضارة هؤلاءالقوم .
فهل تلك العقيدة الراسخة فى نفوسهم وعقولهم وأذهانهم هى من أثرالرسالات السماوية أم من وحى التدبر فى مكونات ومقومات حياتهم على هذه الأرض أم من كلاهما معا ؟ فالثابت أن الله عزوجل أرسل الرسل تلو الأخرى إلى بنى آدم الذين تفرقوا على الأرض وبعد بهم الزمان والمكان عن الهدى الأول عن طريق أبينا آدم عليه السلام .
ولاشك لدينا أن الوحى السماوى من إلى الله إلى عباده على هذه الارض هو مكون رئيسي من مكونات البناءالحضاري وما التباري بين عفريت من الجن وبين الذى عنده علم من الكتاب فى جيش النبي الملك سليمان عليه السلام بخاف على أحد لاسيما بعد أن أرخ ووثق له القرآن على لسان من لا ينطق عن الهوى فمما لا شك فيه أن التاريخ والمؤرخون يذكرون أن لمملكة سبأ فى اليمن حضارة لا يستهان بها والتباري بين جنديين من جنود سليمان أحدهما عفريت من الجن والآخر بشرعنده علم من الكتاب فى معركة الإستعراض الحضاري وإستعراض القوة أمر بين قصه القرآن علينا لنعلم أن مهمتنا فى خلافة الله وإعمارها مهمة كبيرة وعظيمة وأن أمة الإيمان والتوحيد هم أولى وأحق بالتفوق الحضاري ذلك لأنهم أهل العقيدة الحقة فى الإيمان بالله واليوم الآخر .
وحقيقة الموت كحقيقة يقينية مسلم بها ليست هى الدافع لبناءتلك الحضارات ولكنها محفز قوى كونك لا تعلم موعده والعمرفى تناقص مستمرفكأنك فى سباق مستمر مع مرورالزمن ومع الموت (الموعدالذى لا تعلمه ولكنك على يقين من أنه آت لا محالة )) هذا السباق دفع بالعباقرة من الثقلين إلى الإبداع والإنجاز فى الإتيان بأعمال تكون أثرا لهم ومخلدا لذكراهم فى الحياة الدنيا ومن أراد منهم الآخرة مع الدنيا جعل تلك الأعمال العظيمة بنية خالصة لله عزوجل وذلك ترسخت أقدامه بعد بعثة النبي محمد عليه الصلاة والسلام .
حتى إستطاعت تلك الأمة الوليدة أمة الإسلام أن تتفوق على أعظم إمبراطوريات ذلك الزمان فى غضون عشرون عام فقط ؟!!!!!!
الحقيقة الراسخة أيضا أن حضارة أبناءالموت تكاملية تلقفت الأيادى تلو الأخرى حمل مشعلها عبر الزمان والمكان فلم يستأثربها قوم دون آخرين وإن كان التاريخ قد حفظ لكل قوم ما قدموه من إسهامات فيها والفائز بحق من جعل فى إسهاماته حظا فى الآخرة إذا أنه ليس من المنطق أو الذكاء أن يكون العمل لدارالفناء وحسب وأنت على يقين كامل من أنك تاركها لدارالمستقر .!!
وقد أثر عن المسلمون الأوائل أنهم أقبلوا على الموت فوهبت لهم الحياة أما الوهن (حب الدنياوكراهية الموت ) كما عرفه من لا ينطق عن الهوى صلوات الله وسلامه عليه فلن يرفع شأنا ولن يبنى حضارة وما حرص أعداء الإنسانية على إغراق العالم فى الملذات والمعاصي وشهوات الدنيا إلا ليستأثروا هم بالتسلط على مقومات الحضارة والتقدم سواءمادية أوبشرية .
وعلى العباد أن يستفيقوا قبل أن يحل الموت ولم يعدوا للقاء الله شيئا فهو يأتى بغتة .
وشتان غدا عند الله بين من حاز النجاح والفلاح وبين من حازالنجاح وحسب وبين من لم يحز لا نجاح ولا فلاح ألا وإن المفلحون هم المؤمنون بشهادة رب العالمين فلا تفوتنكم الفرص الثمينة فى حياة قدر الله عليها الفناء فإحملوا منها لدارالبقاء ما إستطعتم قاصدين وجه الكريم لتكونوا من المفلحين الفائزين اللهم آمين آمين آمين وآخردعوانا أن الحمدلله رب العالمين وصلاة وسلاما على المبعوث رحمة للعالمين دائما وأبد الآبدين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

هذا بيان للناس ولينذروا به

أحبتى فى الله فى مشارق الارض ومغاربها ايها الاحرار اينما كنتم من اى لون ومن أى جنس ومن أى دين إلا أعداء الله أصحاب النار المحضرين اكتب لكم ب...