مر هذا اللقاء (ولنا مع ما كان فيه طواف لتوثيق وإثبات عدة حقائق هامة ) ولكنى أحب أن أقص عليكم موقف آخر من حياة الإمام الراحل وفى سياق ذات المبنى (الذى) ولكنه مرتبطا بحرفا التعريف فى لساننا العربى المبين الألف واللام أو كما يطلق عليهما ألآن فى (علم اللغة الكونى ) جذرا اللغة أو اللسان ففى لقاء آخر مع الإمام رحمة الله تعالى عليه سأله أحدهم ( لعلمه بإرتباط الإمام بالمنهج الصوفى بعض الشيء دون تطرف أو تفريط فى منهاج أهل السنة والجماعة) عن معنى كلمة صوفى فقال الإمام رحمة الله عليه إن الصوفى كلمة مكونة من حرفا التعريف ال و كلمة صوفى وحرفا التعريف تأتى بمعنى (الذى) وكلمة صوفى تعنى أحب وأحب بالفتح والضم للألف أى يكون المعنى (الذى أحب وأحب ) ولنا أيضا طواف حول ذلك المبنى فى ذلك السياق موصولا بالوحيين الكتاب والسنة ذلك لأن أى بنيان منفصلا عن منهاج النبوة زائل حتما لأن أصل البنيان الأساس وما دام الأساس متينا مصدره الوحى الإلهى لاسيما الوحى المحفوظ كتابا وسنة فالبناء يكون قويا شامخا أرسخ من الجبال الرواسي .
وإستلهاما من ذلك المنهاج هيا بنا نطوف مع كتاب ربنا وبين آياته الكريمات ومع إستعمال ربنا عزوجل لذات المبنى (الذى) ولكن بمداليل مختلفة وبداية مع قوله سبحانه (( قل أئنكم لتكفرون بالذى خلق الأرض فى يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين )) سورة فصلت41الآية9 وهنا مبنى (الذى) إستعمله الله فى سياق الحديث عن ذاته سبحانه وفعله الموصوف بكل كمال المنزه عن كل نقص . وكذلك هلم بنا إلى موضع آخر فى القرآن الكريم ومشهد قصه الله عزوجل علينا حين قص علينا حوار سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلوات وأتم التسليم مع النمرود عليه من الله مايستحق حين حاججه فى أمر الإحياء والإماته والإتيان بالشمس فإستعمل الله عزوجل مبنى (الذى) دالا هذه المرة على هذا المتكبرالمتجبرالهالك (النمرود) فقال عزمن قائل (( ألم تر إلى الذى حاج إبراهيم فى ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربى الذى يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتى بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذى كفر والله لا يهدى القوم الظالمين )) الآية 258من سورة البقرة فإستعمل الله عزوجل ذات المبنى أو اللفظة (الذى) بمدلولين مختلفين ففى سياق حديث الله ومراده للدلالة على هذا العبدالمتكبرالنمرود إستعمل إسم الموصول (الذى) وفى سياق حديث الله للقصص والإصطفاء لمحاججة سيدنا إبراهيم لذالكم العبد المتكبر أتى بذات المبنى (الذى ) (( ربى الذى يحيي ويميت )) ثم عاد وإستعمل ذات المبنى للدلالة على هذا الكافر بعد أن أقيمت عليه الحجة ((فبهت الذى كفر)) !!!! وهيا بنا أيضا إلى سياق قرآنى آخر فى النسق القرآنى المعجز (مبنى ومعنى )حيث لا تنقضى عجائبه حين تحدث الله عزوجل فى كتابه العزيز وقص علينا مشهدا آخر فى حقبة زمانية أخرى فى فترة نبى الله سليمان عليه السلام حين أرسل إلى ملكة سبأ الحكيمة ( بلقيس ) فأرسلت إليه بالهدايا فأراد أن يريها وقومها قوة وعلم وبأس عبادالله الموحدين الموصولين برب العالمين فقال (( قال ياأيها الملأ أيكم يأتينى بعرشها قبل أن يأتونى مسلمين(38)قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإنى عليه لقوى أمين(39) قال الذى عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتدإليك طرفك فلما رءاه مستقرا عنده قال هذا من فضل ربى ليبلونى ءأشكرأم أكفرومن شكرفإنما يشكرلنفسه ومن كفرفإن ربى غنى كريم (40) سورة النمل 27 الآيات الكريمات . وفيها إستعمل الله عزوجل مبنى (الذى) للدلالة على أحد جنودالله عزوجل فى جيش نبى الله سليمان عليه السلام آتاه الله عزوجل (علم من الكتاب) .!!!
وكما رأينا إستعمال الله عزوجل لذات المبنى بمداليل مختلفة بحسب السياق وبحسب مراد القائل عزوجل فلذلك يجب أن ندرك أن علينا أن نتدبرالمبانى فى سياقها موصولة بمرادقائلها ذلك لأن من التحريف المجرم من الله عزوجل هو الإقتصاص من المبنى أوالزيادة عليه أو تبديله وكذلك محاولة الخروج بمعناه بعيدا عن سياقه أو فصله عن مراد قائله فمثلا وكما بدأنا كلمتنا عن المناظرة بين علماء المسلمين وأهل الكتاب رأينا أن القوم خرجوا بفهمهم بعيدا عن السياق القرآنى منفصلين عن مرادالله عزوجل فى كتابه مريدين الإحتجاج ومن كلام الله ذاته على صحةعقيدتهم الكفرية والشركية بأهوائهم بغيرعلم وبغيرهدى من الله فكان فضل الله وبيانه على لسان من شاء من عباده أن المراد بالإسم الموصول (الذى)بعدالضمير(هو) هو الله عزوجل وأنه سبحانه الواحدالأحد الذى لا معبود بحق سواه فى السماء والأرض فلا يحق لمخلوق أن يضل بهواه ويلوى عنق المبانى ليقول كذبا وإفتراء على الله بأنها تشير إلى معانى خلاف التى أرادها الحق تبارك وتعالى ومرد ذلك إلى العلم المستند إلى الوحى المحفوظ قرآنا وسنة ومن العلماءالربانيين الذين يخشون الله ولا يخشون أحدا إلا الله المبلغين لرسالاته وجرم التحريف جرم شنيع له عقوبته الشديدة من الله عزوجل وبناء على ذلك فلا يحق أيضا لأحدنا أن يخرج بالكلمات أو المبانى عن سياقها التى قيلت فيه ليؤلها على هواه ويستدل بها على فهمه هو دونما الرجوع إلى سياق قائلها ليدينه بقوله (بالباطل)بالإقتطاع أوالإقتصاص من السياق فلفظة (الذى) بدون سياق هى (إسم موصول) وفى سياق تعريف الإمام الراحل محمدمتولى الشعراوى لكلمة (الصوفى) لا يحق لنا الفهم أن الإمام قصد بذلك التعريف أن كل الصوفية هم أهل الحق وأن عقيدتهم سليمة وفيهم من إنحرف عقيدة ومنهاجا وطريقة عن منهاج النبوة فيجب أن نأخذ بالخصوص لا بالعموم ونرجع لمراد الإمام من التعريف فحرفا التعريف أو جذرا اللغة ( ال ) بمعنى الذى ووصلا بالجزء الثانى من مقولة الإمام رحمه الله (( أحب و أحب )) يجب أن نرجع فيها إلى مراد الإمام ونساءل (الذى أحب من ؟ وأحب ممن ؟) فإن كان على سبيل المثال كقول النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الشريف قبل فتح خيبر (( لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله )) قال الصحابة فما أحببنا الإمارة أبدا إلا يومئذ نظرا لكونها شهادة ومنقبة ووساما على لسان من لاينطق عن الهوى . فكانت من نصيب إبن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وصهره زوج الزهراء فاطمةرضى الله تعالى عنهاوأرضاها( على بن أبى طالب) رضى الله تعالى عنه وأرضاه . فإن كانت بذلك المعنى فحيهلا ولكننا هنا أنى لنا بشهادة من لا ينطق عن الهوى ؟!!! صلوات ربنا وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا .
والخلاصة (والمعذرة للإطالة ولكن لتمام وتركيز الفائدة فى ذات الموطن ) فإن المبنى والمعنى رهينا السياق وكذلك مراد قائله ومن أراد الحق فعليه بذل عناية بلوغه والوصول إليه وتدبر المبنى والمعنى لاسيما فى كتاب الله واجبا على كل مسلم موحد حتى لا ينجح أحد كائنا من كان فى خداعه أو إضلاله بل ومن خلال السير به إلى جحرالضب بإتباع أهوائهم لاسيما ونحن نستعيذ بالله خمس مرات كل يوم فريضة من الله بل ومرات عديدة فى كل صلاة ونافلة ألا نكون من المغضوب عليهم أو الضالين فالمغضوب عليهم علموا الحق على وجهه ولكنهم أبوا إلا معاداته وحربه والكيد له آناء الليل وأطراف النهار والمكر به مكرا وصفه الحق جل وعلا بقوله (( وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال ))؟!! الجبال الرواسى التى ثبت الله بها الأرض أن تميد بنا فى الكون الفسيح ((تزول من مكرهم ))!!!! ولا ينبئك مثل خبير سبحانه ألا يعلم من خلق وهواللطيف الخبير سبحانه سبحانه سبحانه وأما الضالين فيسعهم كما يسع المغضوب عليهم التوبة والأوبة والإسلام لله عزوجل وعدم بطر الحق وأهله وعدم محاربة الله ودينه ومحاددته فإن فى ذلك دعوة لهم ونذارة بين يدى عذاب شديد نسأل الله عزوجل الحفظ والسلامة والثبات والهداية للعالمين ونسأله سبحانه أن يوحد أمة حبيبه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم على أحب مايحب وهو منهاج النبوة فذلك هو الأساس المتين لبنيان قوى يرزقنا الله عزوجل به النصروالفتح المبين وسلام الله تعالى عليكم ورحمته وبركاته ومغفرته وهداه لكم أجمعين وآخردعوانا أن الحمدلله رب العالمين .. كتبه عبدالله الفقيرلرحمةالله أمين بدر..مصر..الثانى عشرمن رمضان 1442هجرى الموافق 24/4/2021ميلادى .