بدأت رحلة أمين دياب مع الدراعمة فى قلب مدينة الفسطاط (المدينةالعظمى )وفى أول يوم دراسي فوجىء أن أول محاضراته للدكتورمحمدعبدالعزيزقطب وكان قدسمع عنه وعن سمعته الطيبة علماوخلقا ولكنه لم يكن قد رآه ومع بداية المحاضرة رآه فوجده ذلك الرجل المهيب الناصح له بأن يدرس اللغة العربية بدارالعلوم ليصيردرعمى . شيءما بتلك المفاجأة أسعده دون أن يعرف مصدرتلك السعادة ومضى وقت المحاضرة وهو يسجل كل مايقال منتبها تماما لكل كلمة وكل ملحوظة فأمين كان عاشقا للتميزوالتفوق ومحبا للعلم بشكل خارق وبعد إنتهاء المحاضرة كان قد سجل أكثر من نقطة ذهب يستفسرعنها ويستوضحها من الدكتور محمدقطب وكانت تلك النقاط التى أراد أن يستوضحها من الدكتور ويناقشها معه كفيلة بأن تغرس فى نفس أستاذه ومعلمه أن ذلك الطالب سيكون أرض النبوغ الموعودة فى المستقبل من بين الدراعمة .
وفى قريته طهيو وفى جنح الظلام تسللت إمرأة توشحت السواد مستترة بظلام الليل وسواد ملابسها وتوجهت نحو البيت المهجورالذى يؤوى لبيب الأعرج الساحر وسمع لبيب صرير الباب المزعج فإنزعج قليلا فطمأنته قائلة لا تخش شيئا أنا الخالة مكاسب فضحك ضحكة خبيثة وقال متهكما ما رأينا منكى مكاسب يا خالة مكاسب فغضبت من مزحته قائلة وهل يربح من يعرفك أيها الأعرج !!! فنهرها بقوله ولما تأتينى إذا أيتها العجوزاللئيمة !! قالت جئتك اليوم أريد منك خدمة إن أتممتها كما أريد وأشتهى ستكون لك منى غنيمة كبيرة فقال وما الخدمة التى تريدينها فقالت إبنتى عقيلة فقال مابها قالت أريد أن أزوجها فإتسعت حدقة عينه تزوجينها لى أنا فقالت ماذا تقول؟! أجننت يا ملعون ؟!!! فقال ألم تقولى تريدين أن تزوجيها فقالت أولم أجد غيرك أنت يا شيطان ؟! فقال أنا شيطان وأنتى من الملائكة مثلا أنتى فى بيتى فقالت أصمت وإستمع للنهاية فإنى سأمنحك مكافأة عظيمة إذا صنعت لإبنتى سحرا يأتينى بأمين إبن الحاج يوسف دياب زاحفا ليخطب إبنتى ويصيربها مولعا متيما فإشمأز لبيب المبغض لمجرد سماع إسم أمين دياب ولكنه وجد بابا ليؤذيه وينال مراده منه فقال لها أتستطيعين أن تأتينى بشيئا من ملابسه يكون قد إرتداه قريبا ؟!!! فقالت لك ذلك بمجرد عودته للقرية فى إجازته القادمة .
وفى طريق عودتها وفى شارع جانبي فجأة ظهرلها العم شعراوى ونظرلها نظرة إنخلع لها قلبها صارخا وهو يضرب عصاه فى الأرض (أم الكليم عارفة إن الكليم حيعود مايهزموش فرعون والله ف سماه موجود )فدفعته مكاسب بعيدا عن طريقها وهرولت نحو منزلها وفى نفسها خافت أن يكون شعراوى قد تتبعها وسمع شيئا مما كانت تدبره مع لبيب الساحر وأخذ شعراوى يصيح فى طرقات القرية بنداءاته التى كانت تحمل النذارة أحيانا والبشارة فى أحايين أخرى ودخلت مكاسب بيتها ووجدت إبنتها عقيلة جالسة أمام المرآة تتزين فضحكت وقالت لها سآتيك بفارس الفرسان زاحف عريسا لكى يا ست البنات أعدكى بذلك قريبا إما أن يحدث ذلك أو لن تناله أخرى أبدا سيكون لكى وحدك ولو رغم أنفه وإحتضنتها كالأفعى وهى تضحك الضحكات الجهنمية حتى أخرس ضحكاتها صوت شعراوى يعيد كلماته وكان قريبا من بيتها قائلا مايهزموش فرعون والله ف سماه موجود .!!!!
كانت المدينة العظمى فسطاطا لعلماء الدنيا بأسرها وفى كل العلوم فقد كانت بمثابة الكعبة التى يطوف بها أصحاب العلوم والفنون والإبتكارات والآداب والشعراء وكل من أراد لعلمه أو فنه صيتا وذيوعا فى الدنيا كلها لابد من أن يتخذ من المدينة العظمى (الفسطاط )منطلقا له وكان أمين يتجول مع زملائه من الدراعمة كل يوم بعد الإنتهاء من دراستهم وإنهاء مهامهم اليومية ويتقلبون من رواق إلى آخر ومن أصحاب علم إلى آخر من أصحاب الفنون ويتجولون فى شوارع المدينة العظمى أحيانا بالنهار وكثيرا فى ليلها الخلاب الذى كان يأسر أفئدة زائريها ويعيدهم مرة بعد مرة كالعاشق الولهان حتى ولو كانوا لا يعلمون سر إنجذابهم لتلك المدينة التى لا يقاوم جمالها فى كل الأحايين ومن مكتبة إلى متحف ومن قلعة إلى قصر ومن جولة على صفحة نيلها إلى جلسة ثقافية مع أدبائها وعلمائها وأصحاب الشأو الأعلى من فنونها الراقية كانت الأوقات تمر كأنهم بجنة على الأرض مستمتعين بكل لحظاتها مقبلين على أهدافهم هدفا تلو الآخر كل منهم بحسب ماتحب نفسه ويهواه فؤاده .