الجمعة، 15 يناير 2021

الفاعى وأبناء الأفاعى

فى قرية من قرى المدينة العظمى كان يعيش فتى حالم مفعم بالإيجابية دخلت محبته قلوب كل من حوله لأنه كان بابا من أبواب الخيرللجميع مغلاقا للشر درعا لهم فى مواجهته حتى ذاع صيته وإنتقلت سمعته وشهرته للقرى المجاورة بأخلاقه وتفوقه وذكائه الشديد حتى أصبح حلم كل بيت من بيوت القرية والقرى المجاورة أن يكون أبنائهم مثل الفتى أمين دياب لكن لأن للمصائرالعظيمة سير أعظم فقد تأتى فى بعض الأحايين الرياح بما لا تشتهى السفن فالقلوب النقية النيرة يكرهها أبناءالظلام وحيث كان يعيش أمين وعلى أطراف قريته كان يقطن ساحرا عربيدا فى بيت مهجوريقتات على أموال جهلاءالقرية ومن حولها إسمه لبيب الأعرج وكان لبيب هذا يكره أمين دونما خلاف بينهما وكانت مجرد رؤيته لأمين تعكر مزاجه وتقلب يومه رأسا على عقب .

وذات ليلة وقبيل آذان الفجريوم الجمعة إستيقظ أمين على صراخ عم شعراوى (درويش القرية كما يقولون عنه ) وهو يقول  أرادوا الضربالأخ فوجدوا الأخ معتصم برب الضر والأخ رب النون والقلم !!!!ويكررها مرات ومرات فخرج له أمين وسأله مابك يا عم شعراوى تعالى نصلى ونفطرسويا وهو يكرر الكلمات  أرادوا الضر بالأخ فوجدوا الأخ معتصم برب الضر والأخ رب النون والقلم ! ثم سكت وقال لأمين إذهب أنت وصلى أنا سأصلى فى المدينة العظمى ؟!! فتعجب أمين وقال له بينك وبينها ثلاث ساعات على الأقل لن تدرك فجرالجمعة حاضر ؟!! فصرخ شعراوى  تواب وأنا له أواب  تواب وأنا له أواب ثم إنصرف قائلا إلحق بصلاتك يا أمين وأسجد سجداتك يا أمين وأكتم آهاتك يا أمين ؟!!! فتعجب أمين ذاالقلب النقى من كلمات عم شعراوى ودخل بيته ليتوضأ ويصلى الفجر .

كان الحاج يوسف دياب يحلم بأن يرى إبنه أمين عالما كبيرا أوقاضيا مرموقا وبعد أن تفوق أمين فى المرحلة الثانوية أراد والده أن يلحقه بالجامعة فى المدينة العظمى ورغم مخاوف والدته آمنة عليه من السفر إلا أنها إرتضت بنهاية الأمرولأول مرة أن يفارقها إبنها الوحيد لتحقيق مراد وحلم والده وأيضا لتراه كما يشتهى قلبها ويتمنى وفى صباح سفره مع والده للمدينة العظمى ليتقدم بأوراقه للجامعة إلتقاهما عم شعراوى فى الطريق فإبتسم أمين وسلم عليه سائلا إياه أتريد شيئا من مدينتنا العظمى يا عم شعراوى فصرخ كعادته قائلا  إمسك لسان العرب وإوعى اللسان يا أمين  ده أمرليك مش طلب وحتفهمه بعدين ؟!!!! وتعجب أمين من كلمات عم شعراوى ومن دموعه التى كانت تنساب مع الكلمات وإنصرف عنهما وسأل أمين والده ماذا يقصد بكلماته فإصطحبه الحاج يوسف كى لايفوتهما القطار قائلا له لا تنشغل بكلمات الدرويش لكن شيء ما وقر فى نفس أمين أنها ليست مجرد كلمات أو تمتمات وقر فى نفسه أن هناك رسالة لكنه لم يستطع فك شفراتها وسار مع والده صامتا مبحرا مع كلمات عم شعراوى .

كان أمين لا يلوى على دراسة بعينها وكان كل همه رضا والديه وكان الحاج يوسف دياب يحلم بأن يكون إبنه عالما أوقاضيا ولكن طيلة الطريق لم تفارق كلمات العم شعراوى الدرويش ذهن أمين وعندما وصلا إلى مجمع كليات المدينة العظمى قال الحاج يوسف لإبنه أمين لقد ربيتك على أن تختاربحرية وألا أفرض عليك شيئا وأنت فى تلك اللحظة تحدد مستقبلا وطريقا لكيانك ولكسب عيشك فى الحياة وأيضا لدورستؤديه لأهلك ووطنك فأحسن الإختيار وفى تلك اللحظات كان عقل أمين يشبه محطة القطارالتى أتوا منها للتو أفكارمتزاحمة ذهابا وإيابا ولكن مع هذا التزاحم تمركلمات العم شعراوى كالطيف اللامع فأحس أمين بالحيرة والإرهاق فقال لوالده يا والدى أنا ألآن مرهق جدا وأشعربالتعب وذهنى مشتت هل لنا فى أن نبيت ليلة فى فندق من الفنادق ثم نعود فى الصباح لتقديم الأوراق بالجامعة فأجابه والده لك ذلك هيا بنا فإختاروا نزل قريب من المجمع ودخلا وحجزا غرفة ليرتاحوا ويتهيأوا لليوم التالى وبات أمين ليلته مع تزاحم أفكاره ولكن وكأن ذهنه قدعلق بكلمات الدرويش وعلقت به فلا فكاك منها وخلد للنوم العميق .

نام أمين وفى نومه رأى رؤيا وكأنه بين خلق كثير فى صعيد يجمعهم وهو يشرح لهم بعض الدروس عن العلوم والحضارة ولكن وكأن من حوله لايفهمون كلامه ولا يصلهم مراده وكأنه يتحدث بلسان مختلف عن لسانهم وفجأة خرج له من بين الناس الدرويش شعراوى وكان بينه وبين أمين مسافة وخلق كثير فناداه بصوت عال قائلا  يا أمين فى علوم الناس ماتعرفش عنها حاجة ؟!!!ثم إختفى فجأة ثم فجأة وجده بجانبه واضعا يده على كتف أمين ثم ضمه قائلا يا أمين أمسك لسان العرب !!!وإختفى ! وإستيقظ أمين وقد عقد العزم على دراسة اللغة العربية وسبرأغوارها وفهم أصولها وأثناء فطوره مع والده قص الرؤيا عليه وأخبره بعزمه على دراسة اللغة العربية بشكل تخصصى وبرغم أنه مسار مخالف لما كان يريده له والده إلا أنه إرتضى بمراد وعزم ولده ليرسخ فيه الإختيار والمسئولية التى سيتحملها بإختياره  وعلى أبواب المجمع العلمى لكليات المدينة العظمى إلتقيا بشخص مهيب الطلعة أشيب الفودين بهى الوجه وقور فسألاه من أراد دراسة اللغة العربية بإستفاضة لأى الكليات يتقدم  فإبتسم الرجل المهيب بإشراق قائلا لأمين يابنى إذا أردت بأن تمسك لسان العرب فعليك بأن تكون درعمى ؟!! فتعجب أمين من كلمته التى طابقت كلمة عم شعراوى وسأله  وما معنى ذلك ؟!!



فقال يا بنى قدم أوراقك بكلية دارالعلوم .يتبع.



هناك تعليق واحد:

هذا بيان للناس ولينذروا به

أحبتى فى الله فى مشارق الارض ومغاربها ايها الاحرار اينما كنتم من اى لون ومن أى جنس ومن أى دين إلا أعداء الله أصحاب النار المحضرين اكتب لكم ب...