عندما تسافرعبرالزمن وتحل ضيفا على بعض المشاهد والأحداث التاريخية قد تستوقفك بعض الأحداث لتتدبرها محاولا سبرأغوارها مستبينا لما وراءها من أسباب مستمدا المعنى الذى خلف المبنى من مسبب الأسباب سبحانه والتطابق المذهل بين آيات الله الكونية وآيات الله القرآنية سيدفعك دفعا للسجودلله عزوجل الذى خلق تلك الآيات الكونية وقال الآيات البينات القرآنية فيستيقن العبد فيما بلغه عن رب العزة سبحانه من الحق فيؤمن ويستقيم وفق مرادالله رب العالمين (( ولو كان من عند غيرالله لوجدوا فيه إختلافا كثيرا )) سبحانك ربنا ما وجدنا إلا التطابق المذهل المبهروالمعجز فآمنا فأكتبنا مع الشاهدين وإجعلنا من عبادك المتقين الصادقين اللهم آمين .
فإذا ما حللت مثلا على ذلك المشهدوالحدث الذى وثقته كتب السيروالتاريخ من زيارة أبوسفيان ومعه من قريش تجاروسادة ونخبة فى تجارة وزيارة لإمبراطورية الروم وإستدعاهم هرقل إمبراطورالروم لقصرالحكم وإستقبلهم سائلا إياهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد أسئلة عن النبى صلى الله عليه وسلم وأحواله وأتباعه تستوقفك مقالة ذلك الإمبراطورلأبوسفيان (( لوكان ما قلته حق فإنه سيملك موطأ قدمى هاتين ولو كنت عنده لغسلت له قدميه )) !!!! عجيب !!! فالدعوة المحمدية كانت فى مهدها وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن قد هيمن لا على مكة ولا على المدينة ولا جزيرة العرب بل كان وأصحابه يتخفون بدينهم عن أعين الكفارالذين كانوا يسومنهم سوء العذاب !!! ويأتى إمبراطورالروم هرقل الذى دخل إليه سيدقريش ومن معه من سادات قريش وأعيانهم (يرتعدون ) بين يديه ويعظمون له !!! ثم يقول لهم تلك الكلمات بهذه البساطة !!!! فما الذى حمله على ذلك وما السلطان الذى يملكه محمدصلى الله عليه وسلم على إمبراطورالروم فى عز قوة ومجد إمبراطوريته !!! ليقول تلك الكلمات و يشهد تلك الشهادة . إلا أن يكون أنه علم الحق فشهد به . علم آيةالله الكبرى فقال بالمبنى ما يحمل المعنى للدنيا بأسرها فى زمانه والأزمنة الآتية بعده !! وليت مثلك يا هرقل أسلم ! فإنما يخشى الله من عباده العلماء . فالجنة دارالمؤمنين .
وقبل أن نرحل عن تلك الحقبة الزمنية الأعظم فى التاريخ بلامنازع زماناومكاناوشخوصاوتفاعلات ونتائج هيا بنا إلى مشهد آخر وحدث ثانى يؤكدالمعنى ويوطده ويزيده وضوحا ألا وهو موقف المقوقس عظيم القبط بمصروكيف إستقبل رسالة النبى محمد صلى الله عليه وسلم قائلا (( قد فهمت ما قلت )) بعد أن سمع الرسالة المحمدية وما جاء فيها (( بسم الله الرحمن الرحيم من محمدبن عبدالله ورسوله إلى المقوقس عظيم القبط سلام على من إتبع الهدى أما بعد فإنى أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم الآريسيين (أو القبط )يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ(آل عمران: من الآية64) وختمت بختم رسول الله صلى الله عليه وسلم محمدرسول الله . ))فقال المقوقس (( إنى قد نظرت فى أمر هذا الدين فوجدته لا يأمر بمزهودفيه ولا ينهى عن مرغوب فيه ولم أجده بالساحرالضال ولا الكاهن الكاذب ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء!!!!والإخباربالنجوى !وسأنظر )) فبعث المقوقس لرسول الله صلى الله عليه وسلم برسالة جاء فيها ((سلام عليك، أما بعد: فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبيا بقي، وكنت أظن أنه يخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت لك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة وهديت إليك بغلة لتركبها، والسلام عليك )) والجاريتان مارية (أم إبراهيم ) وسيرين فلما بلغ النبى صلى الله عليه وسلم رسالته قال ( ضن الخبيث بملكه ولا بقاء لملكه ) أى أنه لم يسلم خشية ضياع ملكه وحتما سيزول ملكه لأن الدنيا بأسرها زائلة !!! ولو أسلم لكان خيرا له فى الدنيا والآخرة والشاهد أيضا هنا ومن مبنى ومعنى كلمات المقوقس نفسه أنه علم الحق ورأى آية الله الكبرى إلا أنه وبشهادة من لاينطق عن الهوى خشى ضياع الملك ولكن لنا هنا شاهد آخر وهو ذات سؤالنا السابق ما السلطان الذى يملكه رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاكم مثل هذا أو إمبراطورمثل هرقل ؟!! ليسترضى الحبيب صلى الله عليه وسلم ولا يستغضبه ويرسل له بالهدايا ويحسن معاملة رسله ولا يسيء إليهم كما فعل كسرى على سبيل المثال فدعى عليه رسول الله بتمزيق ملكه (فكان ) ومزق ملكه وقتل (وعلى يد أبنائه !!!) السر أنهم علموا الحق ورأوا آية الله الكبرى ولكن ((من إستغنى فالله أعلى وأجل وأغنى )) إن الله عزيز والجنة سلعة الله الغالية ألا فأطلبوه سبحانه تنالوها والله عزوجل أمر حبيبه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم قائلا فى كتابه العزيز (( وإصبرنفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولاتطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا وإتبع هواه وكان أمره فرطا 28 الكهف )) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( الحمدلله الذى لم يمتنى حتى أمرنى أن أصبر نفسي مع رجال من أمتى معكم المحيا ومعكم الممات )) .صلوات ربى وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا (( فمبلغ العلم فيه أنه بشر وأنه خيرخلق الله كلهم )) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق