الثلاثاء، 9 مارس 2021

أول السبعة الإمام العادل

فى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله حين تكون الشمس فوق رؤوس الخلائق وتكاد أجسادهم تغلى من حرارتها والعرق يأخذ من أجسادهم مأخذا كل بحسب عمله فمنهم إلى قدميه ومنهم إلى منكبه ومنهم من يغرق حتى رأسه ويومئذ تكون أمنية الخلائق الخلاص من ذلك الموقف حتى ولو إلى النار والعياذبالله عزوجل حينئذ ليس لها من شافع عند رب العالمين إلا حبيب رب العالمين الشفيع المشفع سيدنا محمد صلوات ربنا وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا ولكن اليوم لنا وقفة تدبر فى حديث من لاينطق عن الهوى وطواف حول هديه النبوى فى هذا الحديث الشريف . 

فأول ملمح يجب أن نتوقف عنده ونتدبره هو أن أول أولئك السبعة هو ( الإمام العادل ) أو كما قال صلى الله عليه وسلم إمام عادل . وهنا يجب أن نعلم أن المراد فى حديث النبى صلى الله عليه وسلم ليس إمام المسجد إبتداء ولكن المقصود هنا الحاكم ذى السلطان الذى يحكم بالعدل بين الناس وهنا يجب أن نتوقف عند مبنيان بمعانيهم التى تنساب روعة فى لساننا العربى المبين المبنى الأول الإمامة والمبنى الثانى العدل أما المعانى فهيا بنا نبحر معهما عبرالتاريخ لنرى نماذجهما النيرة التى أبهرت وأذهلت التاريخ زمانا ومكانا وعجزت الأمم كافة أن تخرج لنا كهؤلاء الأفذاذ أبناء خيرأمة أخرجت للناس .

ونحن فى سوق النماذج لن نحط رحالنا على أعتاب الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين (وحتى لا يأخذنا المقام إلى ظن الناس ومعتقدهم بأن تحقيق المراد فى هذا المقام ضرب من الخيال أو الإعجاز أو المستحيل وقد أمرنا أن نستقيم على الدرب وأن نعود إن تعثرنا)




وإنما سنحط رسالنا بأعتاب العمرين الفاروق عمربن الخطاب رضى الله تعالى عنه وأرضاه وخامس الخلفاء الراشدين كمالقب بحق عمربن عبدالعزيز وذاك وجدناه فرضا ولزاما علينا لا خيارلنا ولا نملك تجاوزا لهذين النموذجين الفريدين فى تاريخ الأرض والأمم لا فى تاريخ أمة الإسلام والعرب وحسب بل إنهما أضحيا على وجه الحقيقة والواقع نبراسين بارزين مضيئين بقوة فى سماء الإمامة والعدل فإذا ما مر بخاطرك المبنى سواء الإمامة أوالعدل وجدتهما أول الحاضرين وبقوة وبنورانية لم يعدها التاريخ البشرى والأمم كافة .

فعلى أعتاب الفاروق عمر رضى الله تعالى عنه وأرضاه وهو أميرالمؤمنين وحاكم أمة الإسلام وخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الصديق وثانى إثنين رضى الله تعالى عنهم وأرضاهم أجمعين  سترى عمرالفاروق يعنف ولده حين ترك إبله ترعى فى مراعى المسلمين حين رآها أعجبته وباهية سمينة بين الإبل قائلا يقول الناس دعوا إبل إبن أميرالمؤمنين تأكل وتشرب كما يحلو لها فهى إبل إبن أمير المؤمنين فيوسعون لك  لا والله ما يرضى الإمام العادل بل رمزهما بذلك أبدا فيرد عليه رأس ماله ويعيد ما زاد إلى بيت مال المسلمين !!!! يعيش على الزيت والملح حتى تقرقر بطنه بين الناس فيخاطبها قائلا قرقرى أو لا تقرقرى لن تذوقى اللحم حتى يذوقه آخر فرد من أمة المسلمين !!!! يبكى من خشية الله عزوجل فى الشاردة والواردة  فى الخاطرة والصادرة حتى يخط الدمع لنفسه على خديه مجريان أسودان من شدة خشيته لله عزوجل !!! يخرج بنفسه مانعا خادمه أو فتاه من إعانته فى خدمة إمرأة عجوز عارضته وإنتقدته بشدة بل ودعت عليه فيحلم عليها ويقول لها يا إمرأة وما يدرى عنكى أميرالمؤمنين وأنتى فى تلك الصحراء القاحلة فتقول قولتها الشهيرة أيتولى أمرنا ولا يدرى عنا إن كان يدرى فتلك مصيبة وإن كان لا يدرى فالمصيبة أعظم فيبكى ويقول ترنيمته الدائمة ليت أم عمر لم تلد عمر بل ويذهب فيحضر شاهدين ليشترى مظلمتها أى والله يشتريها منها من حرماله فيشهد على بن أبى طالب وعبدالله بن عمر رضى الله تعالى عنهما وأرضاهما بل ويوثق شراء المظلمة كتابة ويوصى إبنه أن تدفن معه !!!! فيقول الإمام الملهم على إبن أبى طالب قولته الشهيرة أرهقت أو أتعبت من بعدك يا أميرالمؤمنين . ونحن نقول والله مانود الإرتحال عن أعتابك يا أميرالمؤمنين نتقلب بين صفحات حياتك النيرة التى أنحلك من أجلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وسام (( لوكان نبيا بعدى لكان عمر)) ولكن لكل بداية نهاية وعائدون لأعتابك بأمرالله .

أما على أعتاب خامس الخلفاء الراشدين فإنك ستذهل لأنه بعد مرور عقود على الحقبة النبوية المنيرة وماتلاها من حقبة الخلافة الراشدة ثم وفى هذه الحقبة التى أسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم (( الملك العاض )) أتى فيها من أحسن وأتى فيها من أساء من خلفاء المسلمين ثم يتولاها (( أشج بنى أمية )) العمرى عمربن عبدالعزيز بركة وحفيد الفاروق عمربن الخطاب من جهة جدته أم عاصم (( وإستذكروا قصة بائعة اللبن التى رفضت أن تغش اللبن بأمرأمها فزوجها الفاروق إبنه )) فخليفتنا الراشد العمرى ثمرة وبركة هذه الزيجة (( وكان أبوهما صالحا )) والعجب هنا أن جاء هذا العمرى الراشد بعد حقبة زمنية إبتعدت فيها الأمة عن هدى النبوة الأول أو منهاج النبوة الذى تم إرساء دعائمه فى حقبة النبوة المباركة ثم فى حقبة الخلافة الراشدة التى على منهاج النبوة فلما تولى عمربن عبد العزيز كان كالدواء لكل داء وبلسما وشفاء ولكن بماذا ؟!!! بالإمامة العادلة  جعل من نفسه نموذجا للعدل بين الناس أمهم بمنهاج النبوة وأطر عماله عليه حتى دانت له البلاد والعباد بل إن الله أصلح له بين الذئب والغنم فلم ترعى فيهم ؟!!! حتى أنه يوم عدى الذئب على الغنم أقسم راعيها .. أقسم بالله أن عمربن عبد العزيز قد مات !!!! رأى إبنه يوما يوم عيد وعليه ثيابا مرقعة (( وهومن هو )) فبكى رقة لولده فقال الشبل لأبيه الأسد مايبكيك يا أميرالمؤمنين فقال أخشى أن ينكسر قلبك يابنى واليوم عيد فقال الشبل بل الأسد ( بل ينكسر قلب من عصى الله يا أميرالمؤمنين )!! عمربن عبدالعزيز الذى أمر بتزويج الشباب وسداد الديون وحجيج المسلمين ممن لا إستطاعة مادية لهم وذلك كله من بيت مال المسلمين عمربن عبدالعزيزالذى أعطى رعيته بحق حتى أغناهم الله من فضله سواء كان مسلما أو من أهل الكتاب وفاض المال فأمر بنثرالحب على رؤوس الجبال لئلا يجوع الطير فى بلاد المسلمين  !!!! أترون هذا الإمام العادل  لقد مات وأولاده لا يملكون من حطام الدنيا شيئا فيقسم ( مقاتل ) فى عظته للخليفة المؤمن هارون الرشيد  لقد رأيت أحدهم أى أحد أبناء عمربن عبد العزيز وقد أغناه الله من فضله  ينفق فى يوم واحد حمل مائة بعير فى سبيل الله !!! ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء  ... وللحديث بقية بإذن الله تعالى .. وأعتذر للإطالة كماتعودتم منى دائما ولكن رغما عنى فالحديث ذى شجون والمساحة لا تكفى وحتى ألقاكم على خير أترككم فى حفظ الله تعالى وأمنه اللهم آمين .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

هذا بيان للناس ولينذروا به

أحبتى فى الله فى مشارق الارض ومغاربها ايها الاحرار اينما كنتم من اى لون ومن أى جنس ومن أى دين إلا أعداء الله أصحاب النار المحضرين اكتب لكم ب...