لقد وعوا تماما من كتاب الله عزوجل قوله جل وعلا فى محكم التنزيل (( وكم من ملك فى السموات لا تغنى شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاءويرضى )) وأدركوا أن الأمركله لله فهو الذى يزكى من يشاء ويأذن لمن يشاء بالشفاعة حتى وإن كان ملكا مقربا فسقطت مزاعم المشركين التى زعموا فيها عبادتهم للملائكة ليقربوهم إلى الله زلفى فكان الرد القاطع أن حتى هؤلاء الملائكة لايملكون لأحد ولا لأنفسهم من الله نفعا ولا ضرا وأنهم بدون أن يأذن الله ويرضى فلا مكان ولامجال ولا قدر لتزكيتهم أوشفاعتهم فعاشوا حياة نحن ألآن عندما نقرأ سطورها مستعرضين مشاهدها فإن الذهول والإبهاروالعظمة تأخذ بقلوبناوعقولنا بل بأرواحنا وأبلغ وصف عن تلك المشاهد النيرة المنيرة أنها بالفعل أسطورية فأنى لنا بمثل الصديق أبوبكر فى مشهده وهو خليفة رسول الله وحاكم المسلمين فى شبه الجزيرة وماحولها ومسيرالجيوش هنا وهناك لتكافح الإمبراطوريات العولمية آنذاك وهو يقف فى خيمة أحد رعاياه تلك السيدة الكفيفة يكنس خيمتها وينظفها ويعد لها طعامها ؟!!!
نحن إذا أمام نماذج ربانية طبقت منهاج النبوة بنواميسه المقدسه على أكمل مايكون حتى أبهرت التاريخ ذاته فنحتت فى ذاكرته أعظم المشاهد وأروع الأمثلة لعدم تزكية النفس على الآخر مهما إمتلكت من مال أو نفوذ أوسلطان حتى وإن كانت مبشرة بالجنة ؟!!! وموعودة بصحبة الحبيب صلى الله عليه وسلم لم يتكلوا عليها بل عملوا وظلوا فى محراب الأعمال العظيمة الخالدة يغزلون على منوال منهاج النبوة أزكى ما سطرالتاريخ من صفحات وإن تبارح الصديق باكى الروح على مبارحته فما أن تقبل على الفاروق إلا وتجد نفسك مشدوها مذهولا من ذلك الطود العبقرى الشامخ الذى قهرالله به أقوى إمبراطوريات التاريخ الفرس والروم ومع ذلك حفر البكاء من خشية الله فى خديه مجريان أسودان وهو أول فاتح للقدس الشريف ويدخلها متواضعا متذللا لله عزوجل فيضرب أروع الأمثلة فى معاملة الرعية وأهل الذمة من أهل الكتاب على حد سواء وتراه على منوال منهاج النبوة الذى أسسه رسول الله وأرسى إنتهاجه ثانى إثنين فوطد أركانه الفاروق بين الناس فى العالمين ومع ذلك يحمل الدقيق ويذهب لأم الأيتام فى قلب الصحراء القاحلة ينظف لها خيمتها ويطبخ لصغارها ؟!! بل ويشترى مظلمتها منه ؟؟!! كخصمان متكافئان وقد رأى أنها قد أقامت الحجة عليه حين قال لها (( يا أمة الله وكيف يدرى عنك عمر وأنتى فى تلك الصحراء )) فقالت (( أيتولى أمرنا ولا يدرى عنا إن كان يدرى فتلك مصيبة وإن كان لا يدرى فالمصيبة أعظم )) فإرتعب وبكى وصمم أن يشترى مظلمتها بل ويشهد إبنه عبدالله وإبن عم رسول الله على بن أبى طالب على الشراء ويوصى بدفنها معه فى قبره ؟!!! أى عباد هؤلاء ؟!!!بل أى مخلوقات سامية كانوا ؟!!! تراه يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمربالمعروف وينهى عن المنكر فيقول له أحد المسلمين لا سمع ولا طاعة ؟!!! فيقول بهدوء ولم فيقول الرجل لأنك أعطيت كل منا ثوب بينما أخذت أنت ثوبين ((وقد كان رضى الله عنه رجلا طوالاوأكبرحجما من أقرانه ومعاصريه )) فلا يدافع عن نفسه يقول بل يجيبك عن ذلك إبنى عبدالله ؟!!! فيبين أنه منحه نصف ثوبه ليصل به ثوبه وقد كان رضى الله عنه أقل حجما من أبيه فيقول الرجل ألآن نسمع ونطيع !!!!!! أرأيتم إنه وهو أميرالمؤمنين وحاكم المسلمين فى سائرالأقطاروالبلدان لا يرى نفسه فوق أحد ولا يزكى نفسه على أحد ولا يستأثرلنفسه بمزية عن أحد إذا إشتهت نفسه السمك وتعذب أو أوذى فى سبيل ذلك حمار بسبب رائحة السمك حرم نفسه قائلا أوذيت دابة فى شهوتك يا عمر والله لا تذوق السمك ؟!!!! يريد خيرا ويرغب بتقليل المهورلتيسيرالزواج فتحاججه إمرأة بآيات من كتاب الله فيتضعضع لآيات الله مسلما لحكم الله نازلا من على المنبر قائلا (( أصابت إمرأة وأخطأ عمر)) ومرددا وهو من هو ((عبقرى الإسلام وفاروق الأمة)) كل الناس أفقه منك ياعمر !!!!! إنه يطبق ذلك الناموس المقدس بما لا يعرف التاريخ له سبيل بين الأمم .
إن أشد ما أبتلى به العباد هو تزكيتهم لأنفسهم ورؤيتهم لأنفسهم فوق العباد وإعجاب كل ذى رأى برأيه على هواه وإننا إذا رجعنا لمنهاج النبوة ليكون الأساس الذى نبنى عليه ونؤسس لمستقبلنا فستتجدد للأمة ولاشك صفحاتها المجيدة وسيشع نورها من جديد بين الأمم وستأخذ بيد الناس إلى صراط ربهم المستقيم وهى فى فعل ذلك يجب أن تلتزم ناموس الله المقدس بألا تزكى نفسها بل الله يزكى من يشاء فالحمدلله الذى هدانا لهذا وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله وصلاة وسلاما على الرحمة المهداه والنعمة المسداة والسراج المنير والسلام عليكم ورحمة الله ...أمين بدر ..مصر...20رمضان1442هجرى الموافق 2/5/2021ميلادى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق